“أن تكون ماركسيا ويقال أنك ماركسي، فهو أمر طبيعي، أما أن لا تكون وتطاردك الإشاعة فهذا مخطط ظالم، أنني أعلن أنني لست ماركسية، وأنتجت فيلم زائر الفجر، فيلم المتاعب، لأنني رأيهم يطرقون بابي، ويأخذون زوجي وأبي”. لخطت الفنانة ماجدة الخطيب عقدتها من الفيلم.
قرأت “الخطيب” قصة الفيلم، أعجبت بها خاصة وأنها ترصد عوالم الظلم التي رضخ له الشعب المصري من زوار الفجر.
الفيلم بيتا ومطبخا
تعاملت الفنانة الراحلة مع الإنتاج السينمائي بحرص شديد خشية أن تهلكها الديون، تعاملت مع الفيلم كأنه “بيتا ومطبخا”، نظمت أمورها وحساباتها على هذا الأساس، وهو ما وضحّته في حوارها لمجلة “الشبكة اللبنانية” 1974، قالت “المرأة شديدة الحرص وهي تنتج، تخاف المديونية، وطريقة تعاملها مع فريق العمل يزيد حماسهم، هكذا اعتقد”.
تذكرت ماجدة الخطيب، ما فعله زوار الفجر مع والدها، وصفتهم بـ “رجال أشداء أقوياء، غير رحماء”، دخلوا على والدها، منعوه من أن يرتدي ثيابه بعدها فتشوا المنزل، وغاب لمدة 9 أشهر.
ما حصل معا والدها وزوجها، دفعها إلى أن تنتج فيلم زائر الفجر برؤيتها كقصة واقعية بعيدة عن الماركسية التي الصقوها به، قالت “لم آخذها على أنها قصة ماركسية، تعاملت معها كأنها واقعية، لذا توقعت نجاها، عرضتها على منتجين كبيرين وافقوا عليها، لكنهما اعترضا على المخرج”.
المخرج المظلوم
تمسكت “ماجدة” بالمخرج ممدوح شكري، لقناعتها بأنه يشعر بقصته للغاية، يحسها بداخله، بالإضافة إلى موهبته. لم تخشى من عدم نجاح فيمليه جماهيريا “الوادي الأصفر” و “أوهام الحب”، بل زادا من ثقتها به.
تولت إنتاج الفيلم، فألصقت به الرقابة تهمة الماركسية، قالت “ونسب إلى الماركسيين أنهم وحدهم يشعرون بآلام الوطن، وأنهم وحدهم أوصياء على البلاد”.
غضبت “ماجدة” من هذه التهمة، خاصة وأنها ترى التهمة بعيدة عنه تماما، بل هي قصة عاشتها في واقعها، لكن التهمة جاءت من تمجيد الماركسيين للفيلم “كل الذين كتبوا يمجدون فيه من الماركسيين، وكلما دعوت النقاد لعرض خاص رأيت كثيرين لم أدعهم للعرض، ولا أعرفهم يجيئون، كل عرض خاص تحول إلى ندوة ماركسية، وأنا لست في اللعبة”.

ماجدة الخطيب إنتاج فيلم زائر الفجر
ماركسية غريبة الأطوار
انتظرت إحدى الفتيات الماركسيات الفنانة ماجدة الخطيب بعد انتهاء أحد عروض الفيلم الخاصة، ووجهت إليها حديثها غاضبة “نادية شريف بطلة الفيلم ليست بطلة، لأنها سلبية ومهلهلة الشخصية، لأنها لم تدخل السجن”، ردت “ماجدة”: “بالعكس، هي مواطنة مصرية عادية، لا يهم إن تدخل السجن أم لا، قد يتحمل من خارج السجن عذاب يفوق ما بداخله”.
احتدت الفتاة وارتفع صوتها، قالت الفنانة الراحلة “شتمتني، ولو خضعت لاستفزازها لاشتبكنا بالأيدي”.
تيقنت “ماجدة” أن ما يقال عن ماركسية الفيلم صحيحا، راجعته بنفسها دون رقيب، حذفت منه بعض الجمل والمشاهد في محاولة لأن يكون الفيلم اجتماعيا بعيدًا عن الماركسية، قالت “لو تصورت أن الفيلم ماركسي فعلا لأحرقته دون حاجة إلى اعتراض ورقيب”.
تضاعفت الأزمة داخل الفنانة الراحلة، تشكلت داخلها عقدة نفسية، أرادت أن تمحو الصفة التي ألصقت به، حتى أنها رفضت أن تقدمه للوفد السوفيتي الذي زار القاهرة وشاهد أفلاما، وكان تعتقد أنهم لو شاهدوه لاشتروه في الحال، خاصة بعد الضجة التي سمعوها عنه.
رفضت عرض الفيلم على الوفد السوفيتي، رغم أنها أنفقت كل ما تملك على انتاجه، قالت “لم أكن أملك جنيها في جيبي، رفضت عرض الفيلم رغم إفلاسي، حتى لا يقال أنني بعت إنتاجي”.

فيلم زائر الفجر_ 3 مارس 1975
رحيل مخرج الفيلم
في 31 ديسمبر 1973، نشرت جريدة “الأهرام” خبر رحيل المخرج ممدوح شكري نعته بـ “المخرج الشاب”.
قاسى “شكري” من مرض الحمى الشوكية، دون أن يعلم زملاؤه أو أي فرد من هيئة السينما التي كان يعمل بها، وفي اليوم الذي وصلهم خبر مرضه نقلوه لمستشفى الحميات العباسية “درجة ثالثة”، وفارق الحياة في الحادية عشرة من 29 ديسمبر 1973.
أصيب ممدوح شكري بصداع خفيف، ارتفعت وتيرته في اليوم التالي، لم يبرح منزله الذي يقيم فيه مع والدته، إلى أن انتابته “دوخة” شديدة ورعشة، فنقل إلى مستشفى “الطاهرة” وظل فيها لمدة 4 أيام يعالج على أنه مصاب بالـ “تيفود” لكنهم اكتشفوا أنها “حمى شوكية”.
رحل “شكري” قبل أن يرى فيلمه “زائر الفجر” على شاشة السينما.

خبر وفاة ممدوح شكري _الأهرام 31 ديسمبر 1973
فيلم كوميدي
أملا في الخلاص من عقدة “زوار الفجر”، بدأت في إنتاج فيلم كوميدي، عرضت القصة “في الصيف لازم نحب” على المنتجين فوافقوا، لكنهم رفضوا وجود محمد العزيز مخرج للفيلم، لكنه حقق نجاحا كبيرًا، وكان أحد المنتجين الذين رفضوا “عبد العزيز” أول المتعاقدين معه، قالت “قلت لهذا المنتج، مبروك عليك محمد، تعاقدك معه نجاح لي أنا”.