فبراير 1995، امتد التغيير التحريف لأعمال أديب نوبل نجيب محفوظ، بعدما عُبث بأعمال إحسان عبد القدوس ويوسف إدريس.
اكتشف حلمي النمنم وزير الثقافة السابق، ما وقع في روايات أديب نوبل، إذ طالها 1000 تغيير ، وذكر أن رواية “السمان والخريف” وقع بها 119 تغيير، ورواية “بداية ونهاية” طالها 88 تغييرا، واستبعدت التعبيرات. وحذفت بعض الجمل والعبارات وأجزاء من الحوارات، بالإضافة لاستبدال بعض الكمات بمرادفات لغوية أخرى.
تغييرات في رواية السمان والخريف
في رواية “السمان والخريف” في الفصل رقم 13، دار حوار بين بطل الرواية “عيسى” وصديقه سمير عبد الباقي. قال “سمير”: غير أنك لا تقتل فيه جسدك أنت ولكن أجساد الآخرين، فرد سمير قائلا: اقترح عليك أن تنتقي نوعا من الجرائم الجنسية. (نُشر الحوار في طبعات مكتبة مصر بعدما حُذفه منه رد سمير الأخير في الصفحة رقم 73″.
تغييرات في رواية بداية ونهاية
في الفصل السابع من رواية “بداية ونهاية” كتب نجيب محفوظ “وإنه لموقف يستوجب أن يألفه المرء حتى يخرج منه بطائل” لكنها غُيرت لتصبح “وإنه لموقف يستوجب أن تألفه”.
في الفصل 52 يقول أيضًا “ولكن لم تغب عنه دقة موقفة لحظة واحدة من بادئ الأمر فلم يكن يغفل عن متاعبه”، وفي الطبعة صدرت في صفحة 210 بعد تغييرها لـ “ولكن لم تغب عنه متاعبه”.
أما في الفصل 73 يقول “محفوظ”: “وسأل نفسه هل يصارح أخاه بما طرأ على نفسه من تغير وتطور؟ ولكنه جفل عن هذا وأجله إلى المستقبل”، صدرت في طبعة مكتبة مصر في صفحة 296 لتصبح “وسأل نفسه هل يصارح أخاه بما طرأه في نفسه”.

الهلال 1995 – تغييرات في روايات نجيب محفوظ
موقف نجيب محفوظ من الحذف والتغيير في رواياته
واجه حلمي النمنم مدير النشر في دار مكتبة مصر، صلاح السحار، بالتغيرات التي تمت في أعمال نجيب محفوظ، رد بأنها سقطت أثناء الطبع، وقبل أي تغير كان يتواصل مع أديب نوبل، ويحصل على موافقته بتدخلهم في الروايات.
نفى “محفوظ” ما ذكره “السحار”، قال “لم أستأذن في ذلك أبدا، ولم يستشيروني في شيء وليس من المعقول أن يقول أحد لي سنكمل بعض الكلمات وأوافق، وأتصور أن ما تم نتيجة الطباعة الحديثة، لان الطباعة في فترة أقدم كانت تتم عن طريق الجمع التصويري، و هو أكثر دقة من الآلات الحديثة، وربما لم تمر الروايات على سعيد السحار خاصة وأن التغيير وقع على بعض المواقف فقط، وصحتي لم تعد تسمح بمراجعة الروايات”.
رغم القلق الذي انتاب أديب نوبل من التغييرات التي طالت أعماله الأدبية، لكنه يطمئن لأن معظمها تُرجم إلى لغات عديدة ويصعب تشويهها، مثلما تم في أعمال يوسف إدريس وإحسان عبد القدوس.

غلاف رواية بداية ونهاية- نجيب محفوظ_ الصادرة عن مكتبة مصر
وروى، أن صاحب “دار العودة” في بيروت كان يراجعه تلفونيا إذا ما صادفه أي غموض في بعض الكلمات قبل الطباعة، وقال لـ “الهلال” 1995 “لا أتصور أن هناك قصد تشويه أي عمل لي”.
واستنكر “محفوظ” التغيرات التي تطال أعمال الأدباء والمفكرين، دون الرجوع عليهم، قال “لا يصح أبدا أن يمس أسلوب الكاتب، لأنه أمر له حساسيته في العمل الفني، حتى ولو كان التغيير سيزيده جمالا فهذا قد يعطيه قيمة ليست له، وهذا تزييف تاريخي”.
وساوى بين الأخطاء التي تمت بقصد وبدون، لأنهما في الحالتين تشويه وعدوان على العمل وعلى المؤلف.
ولفت إلى الدول التي تطلب أدبا مخصوصا، فيلجئون لتشويه الروايات والأعمال الأدبية “أن كان هذا السوق يريد أدبا محافظا فقد نفاجأ بسوق آخر يطلب أعمالا فيها إثارة فيدفعون بأعمالنا إلى منحل ليعبث بها”.
واقترح نجيب محفوظ، أن يفرض القانون عقوبات صارمة تصل إلى حد إغلاق المؤسسة التي تمس أعمال الأدباء، الرواية والقصة، بأي تغيير ” وأنا فزت بنوبل عن الأعمال الأصلية، لأن اللجنة قرأت أعمال مترجمة، والمترجمون كانوا أكفاء واعتمدوا على الطبعات الأصلية”