اغتيال نجيب محفوظ.. يوم 15 أكتوبر 1994، نقل أديب نوبل إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة إثر إصابته بسكين تعرض له من مجهول أمام منزله في شارع النيل بالعجوزة، بينما كان يستعد لركوب سيارة صديقه.
ونشرت جريدة “الأهرام” أن “محفوظ” أجريت له عملية جراحية نُقل بعدها إلى غرفة العناية المركزة، وهرب شاب في العشرين من عمره قبل أن يتمكن أحد من القبض عليه.
وذكر أحد شهود العيان، أن الشاب طعن “محفوظ” مترين في الناحية اليسري من رقبته، وقال آخر، مرتكب الجريمة هرب في سيارة مرسيدس صفراء اللون جمرك السويس.
سمحت المستشفى، بزيارة الأقارب بعد العملية الجراحية التي بدأت في الرابعة وأربعين دقيقة بعد العصر، وانتهت في السادسة مساء، وتم إبلاغ اللواء حسن الألفي، وزير الداخلية بالحادث.

أديب نوبل- أرشيف جريدة الأهرام15 أكتوبر 1994
اغتيال نجيب محفوظ.. وقائع اليوم الأول في مستشفى الشرطة
في 16 أكتوبر 1994، خرج عدد “الأهرام” في صفحته الأولى بعنوان كبير: “نجاة ” محفوظ من الااعتداء الإجرامي”.
وأرسل حسني مبارك مندوبا عنه إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة، وأصدر تعليمات بعلاجه على نفقة الدولة سواء داخل البلاد أو خارجها.
في الثانية من ظهر 15 أكتوبر، بدأ صحة “محفوظ” تتحسن تدريجيا وهو لا يزال في غرفة العناية المركزة، بعد نجاح العملية التي أجريت له، واسترد وعيه وطلب نظارته لقراءة الجرائد.
ومزقت الطعنة الغادرة، الأوردة الرئيسية بالعنق من الجبهة اليمنى، كما أصابت الطعنة شريان داخل الفقرات العنقية، وهو شريانا يغذي جزاء من المخ وكان مقطوعا وينزف بشدة، وكان الوصول إليه صعبا واضطر الأطباء لأزالة جزء من النتوءات المستعرضة للفقرات العنفية حتى يمكن الوصول إليه وربطه كما تم ربط الأوردة وإصلاح العضلات المتهتكة.
استغرقت العملية حوالي ساعتين وتم نقل حوالي 5 لترات من الدم لـ “محفوظ”.
وشكلت مباحث الجيزة فريقا من أمن الدولة والأمن العام، للبحث خلال العناصر المشتبه فيهم، وحصر كل السيارات المرسيدس صفراء اللون والبيج، وهو نفس لون سيارة الجناة، التي لم يستطع أحد التقاط أرقامها كاملة وكانت تحمل لوحات معدنية جمرك السويس، وتبدأ برقم 30.
وأدلى الدكتور فتحي هاشم، طبيب بيطري، شهادته إذ كان مرافقا لـ “محفوظ”، وشاهد الجناة عن قرب.
ووصف الجاني، بأنه كان في العقد الثالث من عمره، كثيف شعر الرأس والجفنين، بدون لحية أو شارب، وكان يرتدي بنطولنا وقميصا بطريقة أنيقة.
ووزع الرسم الكروكي للجاني على جميع ضباط البحث لمطابقة هذه الأوصاف على المشتبه فيهم، وقامت مجموعات العمل بالبحث والفحص لجميع علاقات “محفوظ” سواء المترددين عليه في مكتبه بجريدة “الأهرام” أو معتادي حضور ندوته الأسبوعية أو من مجالسيه على مقهى قصر النيل، خشية أن يكون هناك دوافع أخرى وراء الحادث.
واتهمت مجموعة أخرى من الضباط بمراجعة معارض السيارات بالقاهرة وبعض المحافظات للتأكد من ملكية السيارة المستخدمة في الحادث، وتوجه فريق آخر إلى ميناء السويس لحضر جميع سيارة المرسيدس التي دخلت البلاد من الخارج خلال الفترة الأخيرة.

نجيب محفوظ- أرشيف جريدة الأهرام16 أكتوبر 1994
اغتيال نجيب محفوظ.. شهادة فتحي هاشم عن الجريمة
وروى الطيب البيطري، محمد فتحي هاشم، الذي كان يتولى نقله بسيارته الخاصة في معظم تحركاته الأسبوعية.
وقال، إنه توجه إليه مساء الجمعة كالمعتاد لاحضاره من مسكنه إلى مقر الندوة، وتوقف أمام مسكنه، وكانت الساعة 4.45 دقيقة، وخرج “محفوظ” في موعده، إذ كان دقيقا كعادته.
بمجرد نزول “محفوظ”، أسرع “هاشم” لفتح باب السيارة الأيمن، وأجلسه ثم دار خلف السيارة وفي طريقه لمقعد القيادة، مد يه لفتح الباب المجاور لعجلة القيادة، لمح شخصا ينحني برأسه داخل النافذة المجاورة لنجيب محفوظ واعتقد للوهلة الأولى أنه أحد معجبيه ويريد مصافحته أول تقبيه، لكن كانت الكارثة.
سمع فتحي هاشم محفوظ يتأوه، بعدها انتبه للجاني وصاح فيه :”إنت بتعمل إيه يامجنون”، فهرب مسرعا، ونادى “امسكوا المجرم” لكن لم يستطع أحد اللحاق به، فأسرع لإسعاف نزيف الدم الذي تدفق من الرقبة.

نجيب محفوظ- أرشيف جريدة الأهرام16 أكتوبر 1994
عندما مد “هاشم” إلى رقبة نجيب محفوظ كانت “المطواة” مغروسة، تركها الجاني وهرب، فنزعها وألقاها على الأرض.
صول “هاشم” وبعض ممن ساعدوه في نقل “محفوظ” إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة، ونزل أديب نوبل من السيارة على قدميه، وهو يقول “أنا كويس”، وأسرع الأطباء لاسعافه وإيقاف النزيف.
أثناء عمل المحاليل الطبية وتضميد الجراح، قال “محفوظ”: “أنا حاسس إن فيه حاجة بتنقط على إيدي”، وأضاف: “أصل أنا عندي السكر”.
دخل “محفوظ” غرفة الإنعاش بعد نقل أكثر من 18 لترا من الدماء إليه.
اقرأ أيضًا:
- أغرب طقوس الأدباء.. الكتابة في الحمام والسيارة والقبور.. للقراء اضغط هنا
- هل انضمت نوال السعدواي لجماعة الإخوان المسلمين.. للقراءة اضغط هنا