رحل الكاتب خليل حنا تادرس الذي حقق معدلات مبيعات كبيرة في فترات الستينات والسبعينات، لطابع كتبه ومؤلفاته الجنسي التي بيعت على الرصيف وفرش الكتب في الشوارع.
خليل حنا تادرس يعظ الشباب
كان الكاتب الذي رحل، السبت، عن عمر يناهز الـ83 عاما، يرفض تصنيف كتبه بأنها جنسية بحتة، بل يرى أنه يكتب عن جزء ضروري في حياتنا لا يمكن إغفاله.
ويرفض أيضًا، تنصيفه ضمن قائمة الكتاب التي تثير الجدل بهذه الكتب، فهو يرى أنه كتاباته لم تخدش الحياء، بل يكتب مستعينًا بالأبحاث العلمية، قال “أنا لا أكتب عن الجنس بأسلوب يخدش الحياء كما فعل كثيرون، ومنهم كاتبنا العظيم إحسان عبد القدوس، وكتب التراث القديمة ألف ليلة وليلة، كلها تتسم بالأسلوب الفاضح وتتعرض لتفاصيل الممارسة الجنسية والأعضاء الجنسية”.
نشر “تادرس” رواية “نشوى والحب” عام 1948 وحقق جدلًا واسعًا، وبيعت بعشرة قروش ونفد منها أكثر من 20 طبعة، وواجهة الرواية دعوى من إحدى دور النشر الإسلامية.
كان “تادرس” يرى أن هذه الدعاوي كيدية، تريد النيل منه فقط، إذ كانت رواياته تباع على الأرصفة بخصم 50 بالمئة، في الوقت الذي كانت تباع فيه الكتب الدينية بخصم 10 في المئة بأقصى تقدير.
روى “تادرس” أنه كان يمهل التجار والمشتري والمكتبات وقتا طويلا، ليحصل أمواله، وهو مالم يحدث في المكتبات الإسلامية التي كانت تعمل بمبدأ التحصيل في نفس الحال، ووصف حكم القاضي ضده بأنه كان عنيفا.
صدر حكم ضد “تادرس” بمصادرة كتبه وغرامة 500 جنيها، لكنه استأنف على الحكم واستند إلى موافقة الرقابة على نشر كتاب، واستدعى مديري الرقابة وأدلوا بشهادتهم، وحكم له بالبراءة. حسب “روز اليوسف” 2006.
الإباحية في روايات خليل حنا تادرس
كان الكاتب الراحل يحرص على أن يستخرج كل الأوراق والمستندات الرسمية التي تلزم لنشر كتبه ورواياته “لم أكتب لفظا إباحيا في رواياتي والرقابة تشهد بذلك، ولا مجال في التشكيك في قراراتها، وأنا لا أطبع أو أنشر إلا بعد موافقة الرقابة، سواء الداخلية أو الخارجية”.
وكتب إحدى الصحف عن المبيعات التي تحققها كتبه بعنوان “كتب خليل حنا تادرس أكثر انتشارا من كتب عميد الأدب العربي طه حسين”، وأعجب “تادرس” بالعنوان للغاية، كما تذكر عنوانا آخر “92 بالمئة من طلبة الجامعات يقرأون لخليل حنا تادرس”.
كان “تادرس” يصمم أغلفة الكتب بنفسه، من خلال الصور التي يرى أنها تليق بمضمون الكتاب، ويحرص على أن عاملًا للترويج التجاري للمؤلف، وكان أيضًا يحرص على الحصول على الموافقة على هذه الأغلفة من الرقابة قبل توزيعها في الأسواق.
توقف “تادرس” عن التأليف والكتابة لفترة مؤقتة، أملًا في أن يتوقف الهجوم الضاري على مؤلفاته وكتبه، وترجم قصة “السأم” لألبرتو مورافيا، وترجم “راسبوتين” لكولن ويلسون، وغيرهم.
ما لم يقله خليل حنا تادرس في حياته
روى “تادرس” لـ “القصة“، قبل وفاته، بأنه كان يداوم على الكتابة، طوال اليوم، لا يتوقف إلا أوقات النوم وتدخين “الشيشة” في أقرب مقهى لمنزله.
وكان يأمل ألا يترك القلم من يده، إلا بموته.
وأكد عن نيته في كتابه مذكرات الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وأرسل خطابا بالفعل لرئاسة الجمهورية، لكنه الرد جاء بالرفض والابتعاد تمامًا عن هذه الفكرة، وهو ما فعله.
كما لفت إلى أنه لجأ في بعض الأوقات إلى نشر بعض الكتب الخفيفة، عن الأطعمة والألعاب أسماء أولاده، حتى لا يتعرض للهجوم.
وحرص الكاتب الراحل، في بداياته، على أن يباشر بيع كتبه بنفسه، وتحصيل الأرباح والتعامل مع التجار بنفسه “كنت أنزل أنا وأتعامل مع فرش الكتب وأصحاب المكتبات”.
كما كان يتعاقد مع أصحاب دور النشر على بعض الكتب قبل البدء في كتابتها أحيانًا، وقد لا يتقاضى أجرا على كتابتها “المهم عندي إني أكتب، واللي بخسره هنا بكسبه من هنا”.