قضت محكمة مصر جنح النزهة أمن الدولة طوارئ بالسجن خمس سنوات على المحامي أحمد عبده ماهر إثر دعوى أقامها المحامي سمير صبري يتهمه بازدراء الأديان وإثارة الفتنة الطائفية.
بحسب البلاغ الذي قدمه سمير صبري للنائب العام، جاءت دعواه لكشف حقيقة “ماهر” وإظهار حقده على السنة والإسلام، احتوى نص الدعوى ” لن يمل المجرمون من ابتداع مختلف الطرق للحرب على الإسلام وتشكيك المسلمين في دينهم ومن طرقهم الخبيثة تلك الثلة العفنة التي تلبس رداء الإسلام تزعم محبته وتجميله في عيون أعدائه”.
ويرى “صبري” أن الشخصيات التي تطرح أفكار أحمد عبده ماهر تغيّر مفاهيم الدين الأصلية وتستبدلها بمفاهيم زائفة تخدع الجمهور، وذلك باستغلالهم القنوات التلفزيونية.
كشف المحامي علي الحلواني إثر صدور الحكم عن أن نيابة النزهة حققت مع “ماهر” واتهمته بالتعدي على السلم الاجتماعي وإثارة الفتنة في كتابه “إظلال الأمة بفقه الأئمة” بالإضافة إلى اتهامه بالتطاول على الدين الإسلامي أثناء ظهوره على شاشة القنوان الفضائية.
أثناء صدور الحكم بالحبس 5 سنوات، كان أحمد عبده ماهر في مكتبه، وبحسب تصريحات “الحلواني” للصحف، لن يعتبر الحكم نهائيًا إلا بعد تصديق رئيس الجمهورية أو من ينوبه. وسينتظر “ماهر” تحرك محاميه على الحلواني بتقديم التماس للرئيس عبد الفتاح السيسي في محاولة لإلغاء الحكم أو حفظ القضية.
محاكمة طه حسين
بتاريخ 30 مايو 1926 تقدم بلاغ من الشيخ خليل حسنين الطالب بالقسم العالي بالأزهر للنائب العمومي يتهم فيه الدكتور طه حسيين بالأستاذ بالجامعة المصرية بانه ألف كتابا أسماه “في الشعر الجاهلي” ونشره على الجمهور ويحتوي الكتاب على طعن صريح في القرآن الكريم حيث نسب الخرافة والكذب لهذا الكتاب السماوي الكريم إلى آخر ما ذكره في بلاغه.
ويروي الكاتب جمال الغيطاني كواليس محاكمة طه حسين في مقال بجريدة “الأسبوع” عام 2000، أنه بتاريخ 5 يونيه عام 1962 أرسل شيخ الأزهر للنائب العمومي خطابا يبلغ به تقريرا رفعه علماء الجامع الأزهر عن كتاب طه حسين يكذب فيه القرآن صراحة، وطعن فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى نسبه الشريف “وأهاج بذلك ثائرة المتدينين وأتى فيه بما يخل بالنظم العامة ويدعو الناس للفوضى”، وطلب اتخاذ الوسائل القانونية الفعالة الناجعة ضد هذا الطعن على دين الدولة الرسمي وتقديمه للمحاكمة وأرفق بالبلاغ صورة من تقرير العلماء، وبتاريه 14 سبتمبر من عام 1926 تقدم عبد الحميد البنان أفندي عضو مجلس النواب ببلاغ ذكر فيه أن طه حسين نشر ووزع وعرض للبيع في المحافل والمحلات العمومية كتابا طعن فيه وتعدى على الدين الإسلامي وهو دين الدولة بعبارات صريحة واردة وتعدها ببيانها في التحقيقات.
وقررت النيابة من خلال المحقق محمد نور في 30 مارس لعام 1927 تقريرا قال فيه بحسب كتاب “محاكمة طه حسين” لخيري شلبي، أنه مما تقدم اتضح أن غرض المؤلف لم يكن مجرد الطعن والتعدي على الدين بل العبارات الماسة بالدين وردت في بعض المواضع من كتابة، جاءت ووردت في سبيل البحث العلمي مع اعتقاده أن بحثه يقتضيها “وحيث إنه من ذلك يكون القصد الجنائي غير متوفر، فلذلك تحفظ الأوراق إدرايًا”.
سحب جائزة حلمي سالم
واجه الشاعر حلمي سالم نفس التهمة الجاهزة بعد تأويل ديني لقصيدته “في شرفة ليلى مراد” واعتبرت بمثابة تعدي على الذات الإلهية.
نُشر في جريدة “الدستور” عام 2008، أن شيوخ الظلام استطاعوا استصدار حكم قضائي بسحب جائزة الدولة للتفوق من الشاعر حلمي سالم.
صدر حكم من محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار المجلس الأعلى للثقافة بمنح الشاعر حلمي سالم جائزة الدولة للتفوق عن عام 2007، وذلك بناء على دعوى من يوسف البدري اختصم فيها وزير الثقافة فاروق حسني، ورئيس المجلس الأعلى للثقافة الدكتور جابر عصفور. ولفت إلى أنه فوجئ بنشر قصيدة للشاعر بمجلة إبداع بعددها الأول إصدار شتاء 2007، تضمنت على حد دعواه بعض مقاطع شعرية بها تعديا على الذات الإلهية وتصوير للإله بأنه عبد مأمور هو والأنبياء يستدعيهم بأسلوب يخلو من الأدب لحراسته خشية أن يعتدي على الجنة بشهوته، وتقدم “البدري” ضد “سالم” والمجلة الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب.
واعتمدت المحكمة قرار الهيئة العامة للكتاب بالإيقاف المؤقت لتوزيع العدد المشتمل على القصيدة، وتشكيل لجنة لبحث الموضوع والتي ارتأت استبعاد الأبيات.
عزل على عبد الرازق
نشر الشيخ على عبد الرازق كتابه “الإسلام وأصول الحكم” يطرح فيه أفكاره حول نظام الخلافة، ويؤكد فيه أن الإسلام دين روحي بعيدًا عما طرحه المسلمون من شكل الدولة السياسي.
دخل على عبد الرازق في أزمة كبيرة بينه وبين مشايخ الأزهر بسبب الكتاب وأفكاره، وهو ما ترتب عليه بيانا استصدره مشايخ هيئة كبار العلماء في مصر، وقع عليه 24 عالمًا، وضحوا فيه ما يختلفون معه، لكن بعض المشايخ ارتأوا ضرورة عزل “عبد الرازق” من منصبه كقاض شرعي، امتثالا لحكم تأديبي لهيئة كبار العلماء عام 1925، فيما ذهب بعض العلماء للرد على ما جاء في الكتاب، إذ كتب محمد الخضر كتاب “نقض الإسلام وأصول الحكم”.
وكان من بين الأوساط السياسة، الزعيم سعد زغلول الذي هاجم على عبد الرازق وكتب “قرأت كثيرا للمستشرقين ولسواهم فما وجدت من طعن منهم في الإسلام إلى حد هذه الحدة في التعبير على نحو كتب الشيخ على عبد الرازق، لقد عرفت أنه جاهل بقواعد دينه، وإلا كيف يدعى أن الإسلام ليس مدنيا ولا هو بنظام يصلح للحكم، ألم يدرس شيئًا من هذا في الأزهر؟ أو لم يقرأ أن أمما كثيرة حكمت بقواعد الإسلام فقط عهودا طويلة كانت أنضر العصور”.
نجيب محفوظ وسلمان رشدي في كفة واحدة
نُشرت رواية أولاد حارتنا لأديب نوبل مسلسلة بجريدة الأهرام عام 1959، وقرر الأزهر منع نشر الرواية، ولم يعترض نجيب محفوظ، لكن بعد حصوله على جائزة نوبل والإشادة بأولاد حارتنا ضمن حيثيات الحكم بالفوز. بدأ هجوم جديد من عدة أطراف عليه بتهمة ازدراء الأديان.
ومع نشوب ضجة حول كتاب سلمان رشدي واعتباره مسيئًا للإسلام في كتابه “آيات شيطانية” صدرت فتوى من الخميني تعتبره مرتدا، ففوجئ نجيب محفوظ بفتوى من عمر عبد الرحمن أحمد زعماء الجماعات الإسلامية ومفتى هذه الجماعات يربط بين “أولاد حارتنا” و كتاب سلمان رشدي، ووضعه في نفس المصاف، ويوجب عليه الاستتابة لأنه تكلم عن الإسلام بسوء.
وكان الأديب نجيب محفوظ قد انزعج من نشر تصريحات حول سلمان رشدي غير دقيقة، فاضطر إلى إصدار بيان في الأهرام عام 1989 بعنوان “حقيقة أقوالي عن سلمان رشدي”، أكد فيه على أن لم يقرأ كتاب سلمان رشدي، قال “لم اقرأ الكتاب ولا رأي لي في موضوعه، أما عن إهدار دمه من الخميني، فقد أدنته من ناحية اختراقه للعلاقات الدولية، وخروجه عن الإسلام الذي نعرفه فيما يتعلق بمحاسبة المرتد، وضربت بالأزهر مثلا طبيا في تصديه للكتاب بالرد عليه في كتاب آخر”.
تفريق نصر أبوزيد عن زوجته
عام 1996 أيدت محكمة الاستئناف حكم محكمة النقض بالتفريق بين حامد نصر أبوزيد وزوجته الدكتورة ابتهال يونس بدعوى أنه مرتد عن الإسلام.
وقتها صرح شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي لجريدة “الأحرار” أنه تم اختيار سبعة من كبار القضاة للقضية وكتبوا الحيثيات، والقضية استمرت لمدة عام، قال “لا يجوز له أو لغيره التعقيب على أحكام القضاء، والأزهر ليس له أن يعقب على حكم محكمة النقض لأنها ارقى محكمة”.
وفي خضم الأزمة، نشر نصر أبوزيد بيانا في جريدة “روز اليوسف” يونيو 1995، بعنوان “الحقيقة أو الشهادة”، شرح ما تعرض له من قتل أفكاره “سعوا حثيثا لقتلي بدل من مناقشة أفكار، والجدال معي بأساليب البرهان العقلي الرشيد، لقد سمحوا لأنفسهم باتهامي بالردة والزيغ عن الإسلام، وطالبوا بالتفريق بيني وبين زوجتي”.
وعبر “أبوزيد” في بيانه، عن رفضه للانصياع لقرار الجامعة الذي يصف اجتهاداته الفكرية والعلمية بالكفر الصريح، خاصة وأنه يرى أنه يخدم الإسلام.
قتل فرج فودة
جرت مناظرة بين فرج فودة ومحمد الغزالي ومحمد عمارة ومحمد أحمد خلف الله ومأمون الهضيبي، ضمن فاعليات معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 1992، ليفاجئ بعدها بتكفيره من “الغزالي”، ثم فتوى من جماعة الجهاد تصفه بالمرتد وتوجب قتله.
وفي يونيو 1992 يقتل فرج فودة بطلقات من الرصاص، ويصاب صديقه، أثناء خروجهم من الجمعية المصرية للتنوير مقر مكتب “فودة”، واعترف أحد المتهمين أنه قتل فرج فودة استنادًا على فتوى عمر عبد الرحمن.
وبعد ست ساعات من إصابته، لفظ فرج فودة أنفاسه الأخيرة.