نشرنا في الحلقة السابقة، كيف وقعت الحادثة، وكيف وصلت الفتاة المغربية لشقة الملحن بليغ حمدي الذي استيقظ كما ادعى على صوت مديرة الشقة لتخبره بوجود جثة فتاة عارية في حديقة البيت، وما توصلت إليه التحقيقات.
نواصل اليوم، نشر الجزء الثاني من القصة.
22 ديسمبر 1984، كان اليوم الثاني في عمل نيابة العجوزة على كشف أطراف الجريمة. استدعت الكاتب المسرحي بهجت قمر وبواب العمارة وسايس الجراج على سبيل الاستدلال، واستدعت ممثل سفارة المغرب وكامل بيطار لكنهما تخلفا عن الحضور مع بقية الشهود.
شهادة بهجت قمر
باشر التحقيق، عثمان عبد التواب مدير النيابة تحت إشراف المستشار محمود موسى المحامي العام لنيابات الجيزة، واستمع إلى أقول “قمر”، الذي اقر بأنه تعرف قبل يومين من قوع الحادث بالضيوف المغاربة الذين استضافهم بليغ حمدي في الحفل، والتقى بهم في كازينو “الليل” في حفل أقامه “بليغ” ضم مجموعة من الضيوف وصل عدهم لـ16 شخصًا، ونسى إذا كانت الفتاة معهم أم لا؟ لم يتذكر.
وحكى عن الحفل الذي أقيم في شقة “بليغ”، إذ تلقى مكالمة هاتفية منه بمناسبة سفر “المغاربة” فتوجه إلى الشقة في الثانية صباحا، قال “شاركت المدعوين الذين سبقوني إلى الحفل، وكانوا أكثر من 10 أشخاص في حالة سكر وفقدان للاتزان، وأثناء جلستي مع كامل البيطار شاهدت سيدة تخرج من حجرة الآلات الموسيقية تترنح من فرط الخمر، وسألني “البيطار” عنها، فأجبته: “واحدة سكرانة”، فالتفت عنها وشاركت المدعوين الذين انقسموا لمجموعتين، إحداهما في الصالة والثانية في حجرة السفرة”.
تناول بهجت قمر العشاء جالسا، وامتدت السهرة، غنى بليغ حمدي للثالثة فجرا، فقرر الانصراف، وعاد إلى منزله. اكتشف الحادث في اليوم التالي.
شهادة حارس العقار
أدلى بواب العمارة محمد سليمان، وزميله محمود أحمد راوي “السايس”، واقرأ بأن الموسيقار بليغ حمدي اعتاد إقامة الحفلات بكثرة، لكنهما لا يستطيعان الجزم بأنهما إذا كان قد شاهدا الفتاة المغربية من قبل أم لا؟ خاصة وأن معارفه كُثر.
اعترف “راوي” أن سيارة “بليغ” لم تغادر الجراج منذ ليلة الحادث حتى صباح اليوم التالي، مما يلمح إلى أنها كانت تستخدم في نقل الضيوف المغاربة للمطار.
في نهاية 22 ديسمبر، قررت النيابة استعجال طلب بقية الشهود لسماع أقوالهم، وطلب تحريات المباحث، وطلبت التقرير الشرعي عن للوقوف على الصفة التشريحية للجثة.
وتقرر تولي العقيد فيليب عبد الملاك مأمور العجوزة، اتخاذ الإجراءات القانونية لدفن جثة الفتاة المغربية، بمقابر الصدقات إذا ما تأخر ممثل السفارة المغربية أو أفراد أسرتها عن الحضور لاستلامها.
وتولت الأجهزة الأمنية بالجيرة، تحت إشراف اللواء محمد حسين مدين مساعد الوزير، متابعة التطورات مع العميد حلمي الفقي مدير المباحث، والعقيد سامح أبو الليل مفتش المباحث، والعقيد سامي عبد المجيد، للربط بين خيوط الجريمة المتفرقة، ومحاولة حصر كل الضيوف، متابعة الشائعة التي أثيرت عن وجود شخصية بين ضيوف الليلة لم تُذكر في التحقيق. حسب جريدة “الأهرام” 1984.
شهادة كامل بيطار
في اليوم التالي، 23 ديسمبر 1984، أدلى الإذاعي كامل بيطار بأقواله أمام مدير نيابة العجوزة، عثمان عبد التواب.
قال “بيطار” أنه دُعي للحفل من بليغ حمدي، الذي أقامه بشقته، قبل يومين من وقوع الحادث، واقتصر على “المغاربة” والعاملين بالشقة.
قبلها حضر حفل “كازينو الليل” ولم يجزم “بيطار” في أقواله، عما إذا كان الحفل، زفاف أم حفلا عاديا؟ ولم يتذكر أيضًا إذا كانت الفتاة المغربية موجودة أم لا؟ قال “كانت عبارة عن جلسة عادية، وحضرت حفل اليوم الأخير وجدت بعض الضيوف قد سبقوني إلى هناك، وكانت بينهم الفتاة المغربية، ورأيتها تترنح وفي حالة سكر شديدة، وكانت ترقص على أنغام ألحان بليغ حمدي وسط اصالة، وفي حالة لاوعي وهي ترتدي ملابسها كاملة، وانصرفت وتركت الضيوف، بعدما انصرف بهجت قمر، وكان هي موجودة، وعدد الضيوف في الحفل كانوا أكثر من 10 أشخاص، والله أعلم بسبب الحادث، ولا أدري هل أتي آخرين بعدما انصرفت أم لا؟”.
نشرت جريدة “الأهرام” في 24 ديسمبر، أن النيابة توصلت إلى بعض الخيوط حول الضيوف، وتجمعت لديهم بعض المعلومات الهامة، أكدتها للنيابة مطربة معروفة –لم يُذكر اسمها- تصادف وجودها في ملهى كازينو “الليل”، كما عثرت المباحث على مجموعة من الصور الفوتوغرافية التقطت للمدعوين في الكازينو. وبدأت النيابة في تحديد شخصياتهم.
- سنواصل نشر بقية كواليس الحادث في حلقات قادمة.
- لقراءة الحلقة السابقة من هنا: محنة بليغ حمدي (1)