استعار الفنان محمود حميدة في حديثه عن فيلم جنة الشياطين تعبير السيناريست مصطفى زكري، وقال، أن شخصية “طبل” التي جسدها هي أقصى حالات الوجود الإنساني، جثة هامدة عندما تُرى على الشاشة وتتضافر مع المجموعة وتتفاعل معها، إذ يسحبوها ويحملوها طيلة الوقت، وترتسم عليها التعبيرات كرد فعل عما يدور حولها من أفعال، أي أن أقصى حالات الوجود الإنساني هي أن يظل الإنسان حاضرًا حتى بعد موته.
تدور قصة الفيلم التي كتبها جورج أمادو، حول “طبل” الذي يموت بعدما ترك عائلته الثرية وحياته المرفهة، ليقضي حياته بين المهمشين إلى أن يموت، وتحاول ابنته في وداعه بجنازة لائقة، لكن أصدقاؤه يسرقون جثته ليودعوه بطريقتهم الخاصة.
انجذب محمود حميدة لتجسيد “طبل” إلى الدرجة التي دفعته إلى ان يخلع أسنانه أثناء التصوير، قال في حواره لجريدة “الأحرار” 1999، أنه الشخصية تطلبت ذلك، فقدم لها ما تريد كي تعطيه ما يريد “أنت ترسم شخصية وتطلب المدد من الخالق، وهذا الإبداع هو نوع من الخلق الصغير بما لا يقاس مع خلق الخالق، حاولت أن أخلق شخصية لأعطيها أمرًا أن تسير وتتكلم وتتفاعل مع الآخرين، فالذي تتطلبه الشخصية أفعله على الفور”.

كواليس تصوير فيلم جنة الشياطين
كواليس فيلم جنة الشياطين
تخلى صناع الفيلم عن اللجوء لاستخدام أدوات المكياج، الذي يرفع ميزانية الفيلم، أو يقلص نصفها، خاصة وأن الميزانية لم تتخطى الـ3 مليون جنيه، ولم يتسنى لهم أيضًا الاستعانة بماكيير مصري، لأنه قد يعطلهم لفترات زمنية طويلة لعمل التطويرات اللازمة.
“كنت حالف تحت عين الله إني آخد حقي من موتي” هذا البيت من قصيدة للشاعر الراحل فؤاد حداد كان حاسمًا في أن يقرر “حميدة” تجسيد شخصية “طبل”.
ولفت إلى أنه كان سعيدًا للغاية في مشاركته بالفيلم، كإنسان أولًا قبل أن يكون ممثلًا، خاصة وأنه سيرى شخصًا في أقصى حالات الوجود قد يتعلم منه شيئًا.
أنفق محمود حميدة على الزجاج 30 ألف دولار لتصوير مشهد يُكسر فيه على رأسه، صُنع خصيصًا في أمريكا، بطريقة معينة، مما زاد من تكاليفه.
واعترف في حواره للـ “الأحرار” أن التجهيز للسيناريو كان أصعب من التصوير والتنفيذ، إذ بدأ قبل هذه المراحل بثمانية شهور، بعمل يومي دائم، وأداء البروفات الخاصة به، وبالفنانة لبلبة وبقية المشاركين بالفيلم، هذا بالإضافة إلى صناعة سيارة خصيصًا للفيلم، لكي تحل محل الإمكانيات التي تساعد الكاميرا، ولم تكن متوفرة، بجانب صناعة الزجاج وأشياء أخرى.
نضج لبلبة
شاركت الفنانة لبلبة في جنة الشياطين، وجسدت شخصية “حبة”، بعد أن قرأت السيناريو نال إعجابها، بالإضافة لتقديرها لأعمال المخرج السينمائي أسامة فوزي.
اعترفت في حوارها لجريدة “الأسبوع” 1999، أنها رفضت عدة سيناريوهات لركاكة الحبكة السينمائية، وفي الوقت الذي كانت قد اتخذت قرارها بالحرص والتدقيق في المشاركة في الأعمال الفنية، قرأت سيناريو الفيلم لمصطفى ذكري، قالت “أعجبت به جدًا، كان جديد وغريب وجميل، ودوري كان رائعًا رغم صغر مساحته، لكنه مؤثر، حُبة التي جسدتها كانت تحب البطل طبل الذي يموت وتتحدث معه طوال الفيلم رغم أنه جثة”.
لم تخش لبلبة من المغامرة، إذ كان أسامة فوزي مخرجًا شابًا، وقصة الفيلم في حد ذاتها مغامرة، قد يتردد أي فنان في المشاركة فيه، ويتخوف المنتجون منه “لا أعتقد أن كاتب سيناريو مصري أو عربي فكر في هذه الفكرة من قبل، لكننا غامرنا ونفذناها”.
أزمات الفيلم
نشب خلاف بين الفنان محمود حميدة ومدير الإنتاج شريف شعبان حول التكاليف التي أنفقت على فيلم جنة الشياطين، إذ طلب الأول من الثاني تسوية مبلغ 243 ألف جنيه كان قد حصل عليها تحت حساب المصروفات الإنتاجية ولم يقدم الفواتير الرسمية المتعلقة بها.
ونشرت جريدة “أخبار اليوم” 2000، أن نقابة السينمائيين حققت في الأزمة، بعد أن تقدم “شعبان” بالمستندات المطلوبة لمجلس النقابة، إلا أن محاسب “حميدة” شكك فيها، وتضامن معه مخرج الفيلم أسامة فوزي ومدير التصوير طارق التلمساني وأدلوا بشهادتهما وأكدوا على غياب “شعبان” أكثر من مرة عن موقع تصوير الفيلم.