كان الشيخ محمد عياد الطنطاوي، أول مبعوث ثقافي لمصر في روسيا، وعاصر أيام رفاعة الطهطاوي، لكن كان له طريق آخر يختلف عنه.
ولد “الطنطاوي” في طنطا، وتوفى في بطرسبرج في لينجراد، بين مولده وموته تاريخ طويل من الغموض.
محمد عياد طنطاوي أول مبعوث ثقافي مصري في روسيا
تعلم عياد الطنطاوي في مدينة طنطا، وتلقى علومه العربية والدينية في الجامع الأحمدي، واتجه للدراسة في الجامع الأزهر، وتعلم يد الشيخ على العطار، واهتم بالعلوم والثقافة والأدب، وكتب الشعر.
اختارته نظارة الخارجية الروسية لتدريس اللغة العربية بمدرسة الألسن الشرقية التابعة لها، فسافر إليها في عام 1840، وصحب معه أهله، وأقام في جامعة بطرسبرج يعلم تلاميذه الروس، منهجا في اللغة العربية يدرسونه على أربع سنوات، ويتعلم الطلاب خلالها كثيرا من سور القرآن والقواعد العربية وأمثال لقمان كتاب “كليلة ودمنة”، ومعلقة “لبيد” وتاريخ تيمورلنك، وملخصا من رسائل إخوان الصفا، وكتاب ألف ليلة وليلة، ومقامات الحريري.

محمد عياد طنطاوي
أول مبعوث ثقافي مصري يؤلف الكتب في روسيا
ألف الشيخ محمد عياد الطنطاوي في روسيا العديد من الكتب، كتب بعضها باللغة الروسية، منها كتاب “النخب في معرفة لسان العرب” وكتاب “الحكايات المصرية العامية”، وكتاب “منتهى الآداب في الجبر والميراث والحساب”، وترك مسودات بخط يده عن تاريخ العرب.
وكانت له مكتبة خاصة تحتوي على مخطوطات عديدة وقد كتب على هوامش أوراقها تعليقات كثيرة، ذات قيمة عليمة وتاريخية.
عقدت بينه وبين المستشرقين الأوربيين صلات عديدة، وترجمت بعض مؤلفاته في الأغاني العامية والقصص المصرية إلى اللغة الفرنسية والأسوحية، وأشاد المستشرق الألماني بروكلمان به في كتابه “تاريخ الأدب العربي”.
وكانت هناك مكاتبات بينه وبين أصدقائه في مصر، وكان منها “أنا شغوف بكيفية معيشة الأوربيين، وانبساطهم وحسن إدارتهم، وتربيتهم، خصوصا ريفهم، وبيوته المحدقة بالبساتين والأنهار، إذ بطرسبرج لا تنقص عن باريس في ذلك، بل تفضلها في اتساع الطرق، أما من قبيل البرد فلم يضرني جدا، إنما ألزمني ربط منديل في عنقي، وليس فروة إذا خرجت، وأما في البيت فالمداخن المتينة معدة لإدفاء الأرض، وطالما انشدت عنه جلوسي بقرب النار”.
توفى الشيخ محمد عياد طنطاوي في 29 أكتوبر عام 1862، ودفن في لينجراد في قبور المسلمين، ودفنت معه زوجته المصرية، وكانت حسب مجلة “الهلال” سبتمبر 1958، وبعدهما دفن ابنه “أحمد”.
وتعرف قبورهم هناك في مقبرة “فولكوفو” بمدينة لينجراد.