كانت والدة الكاتب الصحفي مصطفى أمين، تخبرهم، بأنهم يجب أن لا يرفضوا طعاما، يقبلوا أي ما كان نوعه، لكنه كان وإخوته يعتبرون ذلك نوعا من الديكتاتورية، وكانوا يتصورن أنهم لابد من الحرية في أن يختاروا الطعام الذي يحبونه.
تربى “أمين” على أن يرتب غرفته بنفسه، قال في مقاله بمجلة “الهلال” 1977 “نحن لسنا على حق طالما أسرتنا فوضى ومبعثرة، وكنا مضطرون أن نأكل كل ما يقدم لنا”.
اكتشف “أمين” بعد مرور الأيام أن والدتها كانت على حق، عندما دخل السجن، وأصبح من الصعب عليه أن يأكل ما يريد ويشتهي، وأجبر على الحصة التي توضع أمامه، وذات مرة حصلا على علبة “سردين” بها “صلصة” فقسمها نصفين، الأول للغداء والثاني الذي يحتوي على الصلصة تركه للمساء.
أيام مصطفى أمين في السجن
أكل “السردين” بلذة دون تأفف، بسبب ما تعلمه من والدته، قال “لولا أمي لكنت أتعس رجل في العالم بهذه الكميات القليلة من الطعام، و لأصبحت حياتي جحيما لا يطاق”.
وروى، أنه نام على أسر أعظم فنادق في العالم، لكن في السجن كان عليه أن ينام نوما عميقا، بسبب ما تعلمه من أمه أيضًا، ففي الوقت الذي كان يبدل فيه غيره الفراش لعدة ليال، لكنه كان يستطيع أن ينام في أي مكان ملء جفونه.
كان “أمين” قادرًا على أن يكتب في أي مكان، عندما كان في السجن، كان لا يملك مكتبا أو منضدة، لجأ للكتابة على الأرض، واضعا الورق على السرير، و يصنع من السرير مكتبة، كي لا يتعطل عن الكتابة، ويكتب على الأرض إذ ملّ من الكتابة على السرير.

مصطفى أمين وشقيقه على أمين
طفولة مصطفى أمين
في الصغر، كانت والدة “أمين” تعطيه مصروفا أسبوعيا ضئيلا للغاية، لا يكفيه، وترفض أن تعطيه المزيد إذ لم ينجز عملا، يأخذ أجرا عليه ، قال “كنا مثلا، نسطر الدفتر الذي تكتب فيه المصروف، أو أقوم بإعادة ترتيب مكتبة أبي، أو نعد لهم فهرس للمكتبة”.
تعلم “أمين” من والدته قيمة المال، وألا يحصل على المال إلا مقابل العمل، وكان هناك تقليد في أسرته، أن من يحصل على شهادة “البكالوريا” يشترون له سيارة، لكن عندما حصل رفقة أخيه على أمين على الشهادة، رفضت الأسرة بحجة “أنه يجب عليكم أن تحصلوا على السيارة من عرق جبينكم”.