كانت تلازم المدير الفني المخضرم محمود الجوهري، قاعدة غريبة، في فترات تدريبه لمنتخب مصر، فقبل أي مواجهة مصيرية وصعبة يقوم بإجراء تغيير كامل وشامل لإصلاح سيارته، ويلمّع كل قطعة فيها بنفسه، بعيدًا عن أعين الناس.
واظب المدير الفني الراحل على عدة طقوس، خلال سنوات توليه الإدارة الفنية للأندية والمنتخبات التي تولى مسؤوليتها.
فضل “الجوهري” السيارات الألمانية، لمتانتها وتوفر قطع غياراتها، قال “أفضل المرسيدس والسيارة التي أقودها موديل 1979، وامتلكها منذ 20 عاما، ولم تعمل أكثر من 100 ألف كيلو وهو رقم قد يحقق في عامين، بالإضافة لسيارة أخرة مرسيدس موديل 1986، والواقع أنني أفضل الكرة الألمانية أيضا”.
وكان المدير الفني المخضرم، لا يفضل اصطحاب أحد أثناء قيادة السيارة، إلا حسام حسن “هو أقرب اللاعبين ودائما ما تكون فرصة لنتحدث فيها عن أحوال الفريق”.
أسرار من حياة محمود الجوهري
كان طقس إصلاح سيارته، يوفر له الهدوء النفسي والفرصة للتفكير في المباريات بعمق أكثر، إذ يمكنه دراسة المواقف قبل اتخاذ أي قرارات فنية تخص التشكيل الذي قد يخوض به المباريات المهمة.
اشترى محمود الجوهري أول سيارة في حياته من ماركة “فلوكس فاجن” عام 1970، وقت أن كان يعمل مساعدا للكابتن عبده صالح الوحش أثناء توليه تدريب النادي الأهلي، ولم يتخطى سعرها 700 جنيه مصري، دفع منها “الوحش” 120 جنيها، وسدد فيما بعد.
ظلت السيارة مع “الجوهري” عامين، إلى أن حصلت معه حادثة تحطمت فيها تماما، لذا اشترى السيارة التالية من نفس الماركة، قال في حواره لـ “الأهرام” 19 فبراير 1999 “علمتني الكثير لقدرتها على تحمل العنف والصدمات”.
الحوادث التي وقعت للراحل محمود الجوهري بسبب السيارة
تعرض المدير الفني الراحل للعديد من الحوادث، لكن أغلبها يصفه بأنها كانت لحظات سعادة، وكانت البداية أثناء تدريبه للنادي الأهلي.
في إحدى السنوات كان النادي الأهلي قد انهى مباراة بالفوز بنتيجة 4 أهداف دون مقابل، وعند مغادرته لإستاد القاهرة في الحادية عشر مساء، سيطر عليه حلم الاستمتاع بقيادة السيارة.
فوجئ قبل وصوله لسيارته بأمتار قليلة، أن دخلت سيارة نقل وحطمت سيارة تماما “وقفت مكاني ولم أتحرك من وقع الصدمة”.
أما الحادثة الثانية، وقت تدريبه لنادي الزمالك، أثناء عودته من جنوب إفريقيا بعد فوز النادي الأبيض بكأس السوبر، وأصر الجمهور على قيادة سيارته التي تهشمت تماما قبل وصولها لنادي الزمالك، إذ تدافع الجمهور فوقها بقوة وحطموها.
امتنع “الجوهري” عن قيادة السيارة، وكان هذا من أصعب القرارات التي اتخذها في حياته، بعد تعرض هشام عبد الرسول لاعب المنتحب لحادث سيارة قبل السفر لنهائيات كأس العام بإيطاليا 1990، وكان ذلك بمثابة صدمة أفقدته التركيز لمدة طويلة حزنًا على خسارته أهم لاعب في صفوف المنتخب الوطني.
امتنع عن قيادة السيارة واعتكف في المنزل فترة طويلة، بعد خروج مصر من تصفيات كأس العالم عام 1994 بأمريكا في المباراة التي واجه فيها منتخب زيمبابوي بإستاد القاهرة.
لم يستطع “الجوهري” مواجهة الجمهور الحزين “فكنت أخفي ذلك بالنظر إلى دواسة السيارة”.