في 1يناير 1977 التقى الكاتب والأديب توفيق الحكيم بالفنان عمر الشريف في الدور السادس لجريدة الأهرام.
“الحكيم” شاهد قبلها بيوم “الشريف” في برنامج “أوتوجراف” وأعجب ببساطته، لكنه تعجب من شكواه من الوحدة “نجم مشهور ولا يعوزه المال، وفي بلد النور والحسان ويشكون الوحدة، هذا أمر غريب”.
اقترح الحكيم على الصحفي عباس لبيب الذي رتب اللقاء، أن يكتب للفنان العالمي إهداء “من مربي الحمير لمربي الخيول” على قصة “حمار الحكيم” بعدما علم أن “الشريف” يربي الخيول.
طال الحوار لمدة ثلاث سنوات بين العالميين.

توفيق الحكيم وعمر الشريف
كواليس حوار عمر الشريف وتوفيق الحكيم
كشف “الشريف” عن صدمته من اكتشافه أنه شرقي أكثر مما يعتقد “بحكم دراستي الإنجليزية بكلية فيكتوريا، كنت أظن أنني أقرب إلى المعيشة الأجنبية، لكني اكتشفت أن الصحبة الدافئة غير موجودة بالخارج، أحسن حاجة عندنا الصحاب”.
لم يجد الفنان العالمي صديقا حقيقيا في أوربا طوال 11 عامًا بداية من سفره إلى عام 1977، لم يجد العشرة الطويلة بينه وبين الناس، لا صديقة أو صديق ولا حبيبة، لذا أحب العزلة مع نفسه كثيرًا، قال “كنت أشعر بالسعادة عندما أكون لوحدي في غرفتي، وقد يكون ذلك هو ما منعني من الزواج، كلما فكرت في الفكرة وجدت نفسي أحب الانفراد والقراءة والنوم والتلفزيون أكثر”.

توفيق الحكيم وعمر الشريف
وافقه الأديب توفيق الحكيم، في أن الاكتفاء بالذات ظاهرة لدى الفنان الحقيقي، لا شيء يشبعه بقدر ما يشعر بالثراء الداخلي، يستطيع العيش بمفرده ويغنيه الكتاب والموسيقى عن الناس، واعترف أنه يميل للوحدة كثيرًا أكثر من ارتباطه بالعائلة “كلما تطول بي الوحدة أشعر بالشوق إلى الناس، لكن سرعان ما أعود للابتعاد ثانية”.

توفيق الحكيم وعمر الشريف
صداقات عمر الشريف مع الكبار
لم يكون عمر الشريف صداقات من داخل الوسط الفني، عكس ما ارتبط بكتاب كبار “سعدت كثيرا بقلاء عظماء من خارج الفن، كونت صداقة مع الإنجليزي صامويل بيكيت، كان شغوفا بالوحدة، وكنا نلتقي مرتين أسبوعيا، ولا يمكن تخيل مدي تأثير ذلك علىّ، لقد اغتنيت نفسيًا”.

عمر الشريف في دور دكتور زيفاجو
تمنى “الشريف” أن يكون مثل شخصية “زيفاجو” التي جسدها في فيلم “دكتور زيفاجو”.
دخل الفنان العالمي عالم التمثيل رغمًا عن والده الذي رغب له العمل في تجارة الأخشاب، لكنه تصميم “عمر” على التمثيل، دفعه إلى السفر لمعهد لندن للدراسة، وأثناء السفر التقى بالمخرج يوسف شاهين الذي عرض عليه اجراء اختبار في فيلم “صراع في الوادي”.

ابن توفيق الحكيم إسماعيل الحكيم مع عمر الشريف
أمنية توفيق الحكيم
تمنى الأديب توفيق الحكيم أن يكون ممثلا سينمائيًا، روى لـ “الشريف”، أنه في فترة الصغر اندمج مع العوالم في أحد الأفراح وتعلم العزف الموسيقي على آلة القانون، وفي فترة الثانوية كون فرقة للتمثيل وبدأ في تأليف الروايات الصغيرة إلى أن ظهرت السينما الأمريكية “لولا البخت كنت بقيت ممثل في هوليود”.
أعجب “الحكيم” وأصدقاؤه بأفلام لوسترن الكاوبوي، خاصة الفنان توم هنكس، وداوموا على شراء مجلة “بكتشرز شو”، وأرسلوا جوابات لشركات هوليود يطلبون فيها التمثيل “وكان معاها صور لنا كاوبوي، وفكرنا طيب الحصان هنعمل فيه إيه، فقال واحد مننا أن عند أهله عزبة، وجبنا حصان معضم، وتصورنا عليه بالدور بهدوم المدرسة ومن غير برنيطة، وبعتنا الصور، ووافقوا على التجربة لكن السفر يكون على حسابنا، طيب منين، قالوا نبيع آلة التصوير، طلعت مش كفاية، فكرت أعمل روايات وأبيعها لجوقة عكاشة، وبدأت فعلا، كتبت مسرحيات وسلمتها، وكل يوم تعالى بكره تقبض، وبعد سنة كاملة أخدت عشرين جنيه وكانت فكرة السينما راحت”.
ندم عمر الشريف
صادف الفنان عمر الشريف صعوبات في عمله بالسينما، خاصة بعد عام 1967، ظهرت فكرة إلغاء عقوده كوسيلة للضغط عليه لكتابة خطابات لتأييد إسرائيل، لكنه هدد برفع قضايا وهو ما أثار ضجة هائلة في أمريكا، مكّنته من تخطي الأزمة “ولا تتصور يا أستاذ توفيق مدى الجرح، لما يأتيني الهجوم من بعض الإخوان، حسيت بالجرح، طبعا مش ممكن كل الناس تحبني لكن عمري ما سمحت حتى بكلمة تتقال ضد بلدي، أنا غبت 12 سنة وأنا بعترف أني مقصر في عدم الحضور، لكن كان فيه وقت الحريات الشخصية لم تكن”.

عمر الشريف مع ابن توفيق الحكيم
حب موظفة الشباك
قضى توفيق الحكيم أربعة سنوات في باريس، أعجب خلالهم بموظفة شباك مسرح الأوديون، وكتب لها خطاب غزل على شكل مشهد تمثيلي ووضعه أمامها وانصرف مسرعًا، وفي اليوم التالي تعرفا، يروي “أصبحنا أحبة وتركتني بعدها بخمسة أيام، واتضح أنها كانت على خصام مع حبيبها الأصلي مع إني لما عرفتها عزمتها على العشاء في محل فراخ أظن اسمه بيرلوي”.