يدخل بعض الأشخاص في علاقات عاطفية، دون أن يدركوا أنهم في حيز العلاقات السامة أو أنهم مُستغلين لطرف آخر يحاول طوال الوقت السيطرة عليهم بحيل نفسية متنوعة، وقد يدرك الطرف الآخر أنه متورط أو مُستغل وقد يستمر لفترات طويلة خاضعًا ومنتهكًا.
تشرح أسماء علاء الدين، المعالج النفسي، أن العلاقات السامة أو الاستغلالية، يشعر فيها الضحية، أنه مدان دومًا، وتحت طائلة تقديم الاعتذار، بالإضافة إلى التعرض لمواقف ازدواجية ” أمام الناس يمجد فيه وما بينهم يقلل منه”.
ويلجأ الطرف “المستغل” في العلاقة العاطفية إلى استخدام نقاط ضعف ضحيته ليشعره بالذنب، أو يظهر نفسه بأنه الطرف المظلوم، وتضيف “علاء الدين” :”تلاقيه بيعتذر عن حاجة وبعدها بشوية يقول للطرف الآخر، انت اللي غلطان، بس أنا كنت عايز نتصالح”.
وتوضح “علاء الدين” الحيل النفسية التي يلجأ إليها الطرف المستغل في علاقاته، بأنه دائمًا يحمّل الضحية مسؤلية كل ما مر به في الماضي “دايما يقولك انت متعرفش مريت بإيه ، وبتعمل زي فلان أو فلانه، وكلكم زي بعض، والكلام اللي يحسس الضحية، إن ملهوش يد ف حاجة بس يورطه ويشيله المسؤولية”.
وغالبًا ما يكون حضور “المستغل” مفاجئًا واختفاؤه مفاجئًا أيضًا، تقول أسماء علاء الدين لـ “القصة”: بينفخ ضحيته قوي أوقات وساعات يحسسه انه معملش انجاز وبلا قيمة”.
وعن ازدواجية المعايير، الحيلة التي يعتمد عليها “المستغل”، فقد يستخدم عبارات ” بلاش تهزري مع ابن خالتك بس انا البنات بيجروا ورايا عادي ولو ما هتمتيش ففيه ألف يهتموا”، كنا يلجأ إلى التسفيه وتكسير طموحات الآخر.
اكتشاف الطرف المستغل
تلفت المعالجة النفسية أسماء علاء الدين، إلى أن الطرف المستغل، يلجأ للحيل النفسية التي تمكنه من الضحية ويخضعه لسيطرته، تقول “تلاقيه بيشد ويرخي لهدف معين، وهو ان الطرف الأخر يتعلق، و في وقت ما بيكون كويس فتبدأ تتجاوز وتصبر على كل أذاه أو مشاكله النفسية”.
وتشير إلى أن الضحية دومًا ما يتقمص دور “المنقذ” في العلاقات السامة او الاستغلالية “يبدأ يحس إنه عايش في دور المنقذ اللي لازم يظبط حياته كلها ويخليها بيمبي ولو فشل يبقي ميستحقش يكون معاه، وبعد فتره من العلاقة يختفي شغفه، ويبدأ يشعر بالملل”.
ويشعر الضحية في العلاقات السامة والاستغلالية، أنه دومًا مخطأ ” أول ما يحسب إنه ببيعمل حاجات غلط عشان بس مش قادر يبطلها أو يبررها دايما ويكذب على نفسه”.
كيف تنجو الضحية
ترى المعالجة النفسية، أن الألم الذي يتحمله الضحية في العلاقات السامة لابد وأن يراه نضجًا، ويدرك بوعيه أنه يجب عليه التخطي والدخول في العلاقات الآمنة، من خلال استدراك الأخطاء التي تعرض لها.
وتوضح، أن الضحية الطرف الأضعف، يدخل في العلاقات السامة، لأزمات نفسية وعيوب شخصية يحتاج لحلها والتخلص منها، تقول “الشخص اللي بيدخل في العلاقات دي هو عنده مشاكل شخصية بتجذبه لعلاقات سامة، لازم يعالجها، وجايز تكون اضطرابات مترسبة من الطفولة أو من خبرات سابقة”.
يقرر الضحية بشكل “عقلاني” أنه يجب عليه الخروج من هذه العلاقة، ثم يبدأ في إيجاد الحلول التي تخلصه من آثارها ” الشخص المؤذي لن يتغير أبدًا، إلا إذا قرر العلاج، وغالبا لا يقرر، مبيحصلش”.
ويحتم على الشخص الذي قرر الخروج من العلاقات السامة والمؤذية، أن يقطع الطريق أمام الذكريات التي كونها خلال هذه العلاقة، وأن يثق في قدرته على تكوين علاقات عاطفية والدخول في تجارب جديدة صحية.
وتنصح “علاء الدين” أن يكتشف الإنسان نفسه أولا قبل الدخول في العلاقات العاطفية، أو يكون تقديره الذاتي لنفسه مرتفعًا، لا يقدم تنازلات نفسية، أو يكون قادرًا على عمل حدود تحميه من العلاقات السامة والغير جيدة.
العلاقات الآمنة
تؤكد “علاء الدين” أن العلاقات الآمنة قوامها بين الطرفين، يعتمد على “عدم وجود الإهانة لفظيا أو جسديا، عدم التهديد المستمر بالرحيل، احترام و تقدير مشاعر الآخر و عدم الاستهانة بها، التعبير عن الحب و الاهتمام من وقت لآخر، الاهتمام برأي الطرف الآخر و عدم التقليل منه”.
وتفسر أن وجود الخلافات والمشاكل بين الأطراف في العلاقات، يمكن تخطيه، فما يهم وهو وجود قواعد تحكم الطرفين لا يمكن تجاوزها لتستمر العلاقة بشكلها الآمن والطبيعي، تقول “الحب ليس له شروط، و قد يحدث في أي وقت، لكن العلاقة تحتاج دائما إلى شروط و قواعد واضحة”.