جماعة الحشاشين.. نظم الحسن الصباح حركة الإسماعيلية في طورها الجديد، ووضع برنامجها، وأنشأ منها جمعية شرية تفرعت في جميع أنجاء فارس والعراق والشام.
حسن الصباح دشن جماعة الحشاشين
“الصباح” فارسي من خراسان، بدأ حر الفكر، تعلم مع الشاعر عمر الخيام ونظام الملك وزير السلطان ملكشاه، وانقطع لفترة لدراسة الكيمياء والفلك والسحر والخفاء التي كانت في عصره سلاحًا مشهورا يدعيه الأذكياء والأدعياء على البسطاء والعامة.
اتصل “الصباح” بصديقه نظام الملك، فضمه بخدمة السلطان ملكشاه، وعلا دوره وشأنه وزادت أمواله، وحاول أن يوقع بصديقه “الحسن إليه”، فغضب عليه “نظام الملك”، واتهمه بالإلحاد.
هرب إلى البلاد والأقطار المختلفة، وجاء إلى مصر فأحسن إليه الخليفة المستنصر الفاطمي، وبدأ يتصل في التعلم بدار الحكمة، ثم عاد إلى الشام واستقر لفترة في حلب، لينظم طائفته الجديدة، وبعد رحلة في بغداد وجنوب فارس، استقر بشكل نهائي في القلعة التي احتمى بها واعتبرها ملاذا ومركزا لدولة الحشاشين.

القلعة
جماعة الحشاشين.. “الصباح” يحتمي بـ “قلعة الموت”
أشار المؤرخ جمال بدوي في مقاله نُشر بجريدة “الوفد” عام 1994، أن “الصباح” استولى على القلعة المنيعة بعد كفاح طويل، لينفذ منها هدفه بتقويض نظم الحكم الإسلامية القائمة، ليقيم دولة إسماعيلية باطنية ذات أفكار وأيديولوجية معارضة للإسلام ومضادة له.
واستشهد بما قاله برنارد لويس المتخصص في تاريخ “الإسماعيلية”، الذي أن “الصباح” لم يكن في جولاته التي لم تنقطع منشغلا لجمع مؤيدين لقضيته فقط، بل كان متهما بأن يجد لنفسه قاعدة ومخبأ سري في مدينة تجعله بعيدًا عن خطر الاكتشاف والاقتحام المستمر.
وقع اختيار حسن الصباح على قلعة الموت ومعناها “عش النسر”، وهي حصن مقام في ممر ضيق على قمة صخرة عالية في قلب جبال البورج، يسيطر على واد مغلق صالح للزراعة 30 ميلا، وعرص 3 أميال، وترتفع القلعة 6000 قدم فوق سطح البحر، وتعلو عدة مئات من الأقدام فوق قاعدة الصخرة.
كان الوصول إلى القلعة لا يمكن إلا عن طريق ضيق شديد الانحدار كثير المنعطفات، أما التقدم نحو الصخرة فلا يكون إلا عن طريق الوادي الضيق لنهر الموت الذي يشق مجراه بين منحدرات صخرية عمودية أو ناتئة.
بدأت مراحل استيلاء “الصباح” على القعلة بخطة محكمة، حيث استقر في البداية في إقليم الدمغان ومنها بث الدعاة للعمل سرا بين أهالي القرى المحيطة بالقلعة، كما ذكر في سيرة حياته.
من قزوين أرسل الدعاة إلى القلعة، وكسب بعض الرجال في القعلة للعقيدة الإسماعيلية بواسطة الدعاة، وبعد نجاحه في ذلك، زرع أنصاره داخل القعلة.
غادر “الحسن” إلى مشارف الموت حيث كان مختبئا بعض الوقت إلى أن يتمكن أنصاره من تهريبه سرا إلى داخل القعلة يوم الأربعاء 4 سبتمبر 1090، واختفى فيها لفترة.

الصباح
جماعة الحشاشين تنفذ أول خطة اغتيال
يروي المورخ برنارد لويس، أن الحشاشون حققوا أول نصر كبير في فن “الاغتيال” الذي ينسب إليهم، في “نظام الملك” الذي اعتبره أول عدو لهم، ودبر “الحسن” بنفسه خطة اغتياله.
ودون المؤرخ الفارسي رشيد الدين فضل الله، الذي كان ينقل عن مصادر الإسماعيلية: “سيدنا نصب الشباك والفخاخ من أجل أن يصيب أول هدف كبير، أي نظام الملك، ويجعله يسقط في شباك الهلاك والموت، وبهذا العمل ذاع صيته وزادت شهرته، وأرسى أسس الفدائية، فقال لأتباعه: من منكم يخلص هذه الدولة من شرور نظام الملك الطوسي؟، فوضع رجل سدعى بو طالب أراني، يده على صدره علامة الموافقة، وفي ليلى الجمعة 12 رمضان من عام 458 الموافق 16 ديسمبر 1092، وفي منطقة ساهنا من إقليم نهاوند تقدم الرجل وهو متخف في ثياب الصوفية إلى محفة نظام المكل الذي كان محمولا من الساحة إلى العامة إلى خيام جريمة وطعنه بسكين، وبهذه الطعنة، نال الرجل الشهادة، وبذلك كان نظام الملك أول من قتله الفدائيون، وقال مولانا، عليه ما يستحق أن هذا الشيطان هو بداية البركة”.
وكانت تلك بداية سلسلة طويلة من الهجمات المشابهة أدت في حرب رعب محسوبة، إلى إنزال الموت المفاجئ بملوك وأمراء وقادة جيوش وحكام بل ورجال دين ممن أدانوا نظريات الإسماعيلية، وأقتوا بقمع من يقول بها :”أن قتلهم أحل من ماء المطر”، ومن واجب السلاطين والملوك أن يهزموهم ويقتلوهم، وينظفوا وجه الأرض منهم.
اقرأ أيضًا:
- “يسود العري وتقص النساء شعرهن” كيف تغيرت الأزياء حسب الأحداث السياسية؟.. للقراءة اضغط هنا
- ممثل مسرحي ومصور أفلام قصيرة.. الجانب الخفي في حياة جمال عبد الناصر.. للقراءة اضغط هنا