كان السكر سببا حيويًا لتوسع تجارة الرقيق!
صباحًا، يمتطي مسؤول الحراسة حصانه، منتفخًا بسوط في يده، يسوق أمامه مئات العبيد الأفارقة للعمل في المزارع، ظهروهم محنية، الدخان يتخلل مسام العيون يحرقها.
بعدما جلب كولومبوس بعض نبتة إلى جزيرة “هيسبانيولا”، شاعت زراعة السكر التي سُميت مجازًا بثورة “الذهب الأبيض”، فاستغل الأوربيون الأفارقة لجني ثروات ضخمة، وسرعان ما انتشرت في المكسيك، تجاهلها الإسبان، فأمسك الأوربيون زمام التجارة لتحقيق أموال أكبر.
اغرت الأموال الدول الساعية لتحقيق ثروات، اختار الأوربيون البرازيل عاصمة لصناعة السكر، وتركوا البرتغال وهولندا يتقاتلون لمن يسيطر ليحقق ثروة، ونجح البريطانيون في السيطرة على “بربادوس” حولوها لجزيرة السكر.
تزايدت زراعة القصب، من ثم تضاعفت أعداد المطاحن، وهو ما احتاج لمزيد من الأفارقة للعمل في المزارع.
حصر “مارك أرونسون” في كتابه “كيف غير السكر العالم؟” أعداد العبيد الذين وصلوا البرازيل عبر المحيط الأطلسي، لأكثر من 3 مليون أفريقي في 400 سنة.
لا سكر بدون عبيد
لأنهم دفعوا الضريبة الأكبر، لتحلية الأفواه وتضخم الثروات، ظهر مثل “لا برازيل بدون سكر، لا سكر بدون عبيد، لا عبيد بدون أنجولا”.
ما بين عامي 1701 و1810، قرابة 100 عام، جُلب قرابة 252 ألف أفريقي لجزيرة “بربادوس”، واتسعت الرقعة التي تسطير عليها إنجلترا، بداية من جامايكا التي اقتنصتها من إسبانيا عام 1665، وجُلب نفس عدد الأفارقة أيضًا، ثم نقل أكثر من 662 ألف أفريقي.
استعبدت مطامع الدول في تحقيق المزيد من السيطرة والإحكام على صناعة السكر قرابة مليون شخص أفريقي.
أثارت التجارة اللامعة، لعاب الفرنسيون، اندفعوا لتحويل نصف جزيرة “هيسبانيولا” و جزيرة “مارتينيك”، وجواديلوب وجوايانا الفرنسية لمستعمرات تحقق أطماعهم.
بحلول عام 1768، امتلأت الأرصفة بالقرب من المزارع بالحلاوة النقية، والرخيصة، فاشتراه العامة. وسيطرت تجارة السكر على الاقتصاد، ربط بين أروبا وأفريقيا وآسيا والأمريكيتين. أعاد تشكيل العالم، بدت سيطرته أكثر من أي حاكم أو إمبراطور أو حتى حرب.
حكاية مزارع في بربادوس
زعم أولودا إكيانو، أنه فرّ من مصير الملايين الأفارقة، الذين أخذوا للمزارع للعمل فقط، لم يتعلموا القراءة أو الكتابة، ولم يكن باستطاعتهم الحديث، العمل فقط.
تعلم “أولودا” القراءة والكتابة، ليحكي سيرته في كتاب، قال فيه “أخذنا إلى ساحة البيع كقطيع من الأغنام، وبعد إشارة الطبل، تمكنت من الهرب للعمل في مزرعة”.
كان المزارعون يعمل دون توقف، خشية السوط الذي يلهب ظهورهم “يضربون إذا لم يحفروا 28 حفرة للقصب في الساعة، نادرا ما يحصلون على وقت للراحة”.
كان التجار يحصلون مقابل بيع مزيد من العمال على الأقمشة الهندية، يقول “مارك” في كتابه “الأقمشة تشتري العبيد ليستمع الإنجليزي بكوب الشاي”.
عاش العمال في أكواخ وُصفت بأنها كالـ “حظائر” مفتوحة في أماكن رطبة، هلكت صحتهم بالهواء والرطوبة والنوم المُتعب، بعدما يقضي جميعهم ما بين 10 و14 ساعة للعمل محني الظهر، يشذب الحشائش الضارة من القصب الممتلئ بالفئران وحواف الأوراق الحادة، قدرت أعداد الفئران في مزرعة واحدة في “جامايكا” حوالي 3 آلاف في 6 أشهر فقط.