بدأت علاقة الأديب نجيب محفوظ بالمرأة في سن مبكرة، ففي فترة طفولته التي قضاها في حي الجمالية، كان متاحا له اللعب مع البنات وخاصة في شهر رمضان، وكانت الصداقة الطفولية تستمر حتى تصل البنت إلى سن المراهقة وتستقر في المنزل تنتظر الزواج.في هذه الفترة أو كما وصفها أديب نوبل في مذكراته المنشورة بعنوان “صفحات من مذكرات نجيب محفوظ” لرجاء النقاش، “الجو الطفولي المفعم بالبراءة” عاش أول قصة حب، وكانت بالطبع قصة حب ساذجة وبريئة وساذجة، انتهت بمجرد انتقاله مع عائلته إلى العباسية.
الحب الأول في حياة نجيب محفوظ
في العباسية عاش “محفوظ” أول قصة حب حقيقية في حياته، وهي قصة غريبة، كان وقتها على أعتاب فترة المراهقة، وقبل أن يدخل هذه التجربة كانت علاقته بالبنات لا تزيد عن مداعبات تتجاوز الحد أحيانا – على حد وصفه_ للدرجة التي كان يتوب فيها إلى الله يوميا، ويعيش في عذاب مستمر من تأنيب الضمير.
كان بيت هذه الفتاة يطل على ملعب كرة القدم في الشارع، وأثناء اللعب يشده الشغف لرؤيتها، كان هو في الثالثة عشرة من عمرها وهي في العشرين، فتاة جميلة من أسرة معروفة في العباسية. وصفها قائلًا: “رأيت وجهها أشبه بلوحة الجيوكاندا التي تجذب الناظر إليها من اللحظة الأولى، ربما جذبني إليها أنها مختلفة عن كل البنات اللائي عرفهن قبلها، لم تكن فتاة تقليديه مثل بنات العباسية، كان لها طابع أوربي لم يكن مألوفا وقتها”.
لم يجرؤ “محفوظ” على النظر إلى هذه الفتاة، واكتفى بالنظر إليها وقت غروب الشمس، ودام الحب لمدة عام كامل في صمت، إلى أن تزوجت هذه التفةا، وحزن حزنا شديدا، وانطقعت عنه أخبارها، ومضت الأيام، وانطفىء حبها من قبله.
تزوج “محفوظ” إلا أن حب هذه الفتاة لم يفارق ذاركته أو يهدأ أبدا، وفي عام 1951، كان في رأس البر، فوجئ بشقيقة هذه الفتاة في نفس المصيف رفقة أسرتها، فتحدث معهم، وعرف أن أصل الأسرة من دمياط ثم هاجرت إلى القاهرة، ودار بينهم وبينه حديث طويل لم يجرؤ خلاله أن يسأله عن الفتاة التي كان يحبها، وسرد قصتها في رواية “قصر الشوق” مع تعديلات فنية تتفق مع فن الرواية والإطار العام للسرد.
العربدة في حياة نجيب محفوظ
اعترف أديب نوبل في مذكراته أنه عاش قبل زواجه حياة عربدة كاملة- حسب وصفه- كان من رواد البغاء الرسمي والسري، ومن رواد الصالات والكابريهات، أضاف: “ومن يراني في ذلك الوقت لا يمكن أن يتصور أبدأ أن شخصا يعيش مثل هذه الحياة المطربة وتستطيع أن تصفه بأنه حيوان جنسي، يمكن أن يعرف الحب أو الزواج، كانت نظرتي للمرأة في ذلك الحين جنسية بحته، ليس فيها أي دور للعواطف أو المشاعر، وإن كان يشوبها أحيانا شيء من الاحترام، ثم تطورت واعتدلت بعدما فكرت في الزواح والاستقرار”.

أديب نوبل
زواج نجيب محفوظ من عطية الله
وصف أديب نوبل زواجه من عطية الله أنه كان زواجا عمليا، أي أنه اختار زوجة تناسب ظروفه ولم تنشأ بينهما قصة حسب سابقة على زواج، حيث كان في حاجة إلى زوجة توفر له ظروفا مريحة تساعده على الكتابة ولا تنغص حياته.
كان “محفوظ” بحاجة إلى أن زوجة تفهم أنه شخص غير اجتماعي، لا يزور أحد ولا يحب أن يزوره أحد، ووهب حياته كلها للأدب، ووجد في عطية الله كل هذه الصفات المناسبة له.
أكد أن زوجته عطية الله استطاعت أن توفر له هذا الجو المناسب، جعلته يتفرغ للقراءة والكتابة، حتى عندما كان يزوره إخوته كانت تستقبلهم وتجلس معهم لتتركه وشأنه، حتى لا يضيع وقته في هذه الواجبات الاجتماعية.

مع زوجته عطية الله
بعدما أنجيب “محفوظ” انتيه فاطمة وأم كلثوم خخص يوما في الأسبوع يخرج معهم فيها، وفي الغالب كان يذهب معهم لمشاهدة أحدث الأفلام السينمائية أو التنزه في الحدائق العامة، وبعدما تقدم به العمر، أصبح خروجه صعبا، يقول: “ولم يحدث طوال حياتي الزوجية أن طلبت مشورة من زوجتي أو ابنتي في أي عمل أدبي أكتبه، ولم يحدث أن عرضت عليهن عملا لي قبل صدوره، وكن يقرأنه عندما يخرج للنور مع القراء، وعندما تحول أعماله إلى السينما يشاهدنها مثل الجمهور”.
واعترف أنه لم يكن ينوي الزواج أبدا، لشعوره أن الزواج قد يعطله عن حياته الأدبية الذي قرر أن يهبه حياته كاملة، إذ كان يعيش حياة منظمة لا أثر فيها للتعب أو المشقة، ولم يجرب أبدا أن يعيش خارج القاهرة بعيدا عن أهله مثل صديقه فؤاد نويرة الذي اضطرته ظروف العمل لتمضية بعض الوقت في مدينة “أبو تيج” في الصعيد.
لم يكن يتخيل “محفوظ” انه يعيش حياة الصعلكة مثلما كان يسمع عن حياة بعض الأدباء، وما دفعه إلى التفكير في الزواج هو تقدم عمر والدته وضعف صحتها، وغلبه شعور الوحدة، وبدأ يدرك ضرورة الزواج ووافقته والدته على ذلك، لكنه كل مرة كان يقدم حجج وصفها بالواهية.
رفض أديب نوبل الزواج من فتاة اختارتها له والدته، لانه شعره بأنها ستكون زيجة غير مناسبة أو متكافئة وستكون ماسة بكرامته، ورفض عرض والدته، خاصة بعدما علم أن أهل الفتاة سيتكفلون بكل تكاليف الزواج من مهر وشبكة وأثاث منزل.
اقرأ أيضًا:
- نجيب محفوظ وسلمان رشدي.. لتفاصيل أكثر اضغط هنا
- اعترافات نجيب محفوظ عن شخصيات رواياته .. لتفاصيل أكثر اضغط هنا
- كيف حرفت مكتبة مصر أعمال نجيب محفوظ.. لتفاصيل أكثر اضغط هنا